أخبار ثقافيةأنشطة ثقافيةالفنون الركحية و الدرامية

“ننده الأسياد”: عرض يجمع ثلاث طرق صوفية على ركح واحد

بدعم من صندوق التشجيع على العمل الإبداعي والفنّي في وزارة الشؤون الثقافية وبإشراف المندوبية الجهوية بالمنستير، يقدم الفنان محمد البسكري عرض “ننده الأسياد” لأول مرة وذلك يوم 30 أفريل 2018 بالمركب الثقافي بالمنستير انطلاقا من السابعة مساء. والعمل نِتاج ورشة تواصلت لأكثر من سبعة أشهر من البحث والتدريبات واللقاءات بين شيوخ الطرق الصوفية الكبار والمنشدين والموسيقيين والممثلين والراقصين ليستقيم العرض على ما هو اليوم. “ننده الأسياد” عرض غنائي موسيقي حيّ من التراث الصوفي العتيق من إنتاج الفنان محمد البسكري وإخراج المسرحي رضا عزيّز، ويشارك فيه عدد كبير من المنشدين والعازفين والراقصين.
يجمع بين عناصر الفرجة والموسيقى التقليديّة، ويعتمد على الأداء الغنائي الصوتي لعدد من النوبات والوصلات الصوفية العتيقة المنتمية لطرق “القادرية والسلامية والعيساويّة” بتوظيف مدروس للنغمات التونسية البحتة ذات الروح الصوفية، والإيقاعات التراثيّة المختلفة ولوحات الرقص المرافقة والكلوغرافيا والإضاءة والمؤثّرات السمعيّة والبصريّة.
ويحتوي العرض في مجمله ضروبا فنيّة وموروثات غنائيّة لثلاث طرق صوفية لم يسبق جمعها ضمن عمل فرجويّ موحّد . هذا بالإضافة إلى اِحتوائه على قطع غنائيّة غير متداولة على نطاق واسع أو مجهولة بالمرّة، وقد يوفّر هذا المشروع فرصة لتداولها على نطاق وطني أوسع أو حتى خارج حدود وطننا العزيز. ويعتمد البسكري في تنفيذ هذا المشروع على عدد من الفنانين الشبّان وعدد من مشائخ هذه الطرق الصوفيّة الثلاث من شمال تونس إلى جنوبها (قفصة والمنستير وسوسة وبنزرت وباجة وتونس العاصمة)، ويستند إلى بحوث علميّة في تحقيق مخطوطات موسومة بـ”سفائن البحور الراقية” المحتوية لأشعار التراث الغنائي الروحي لتلك الطرق، كما يستند إلى بحوث ميدانية في جمع ذلك الموروث الغنائي الفريد.
يتضمّن العرض أيضا لوحات رقص فرديّة وأخرى جماعية بعضها تقليديّة متداولة وأخرى عصريّة وقع تصميمها من طرف مختصين في المجال وهي في الغالب مستوحاة من الرقصات التقليدية الصوفية التونسية، كما سيتم تأدية مشاهد تمثيلية مع أداء بعض الأغاني منسجمة مع مواضيع الأغنية وما تعبّر عنه. وقد عمل أصحاب العرض ضمن هذا المشروع على النظر بعين الوفاء إلى موروث عدد من الجهات الداخليّة من بلادنا التي لم تتّسع لها العروض الفرجويّة السابقة، على الرغم ممّا تزخر به من تراث صوفي متنوع ومتميّز أداء ولحنا وإيقاعا من جهة إلى أخرى على غرار.
وعموما فإن هذا المشروع الفني هو محاولة لاِختصار الزمن رجوعا إلى الروح النغميّة الأصيلة أداء وإكسائها ثوبا حديثا لا ينال من أصالتها، واختصار المكان بإشراك أغلب جهات البلاد ضمن عرض فنيّ تتنوع فيه الأذواق والأنغام وطرق الأداء والروافد الروحيّة، وتنصهر ضمن لوحة فنيّة تختزل جزءا يسيرا من نفائس السلامية والقادرية والعيساوية ، فتحملها إلى المتلقي لتعفيه من عناء التنقّل إليها. يهدف هذا العرض إلى تقديم إضافة للمشهد الفني التونسي باِختلافه عن السائد وإعادة إنتاجه لطرائق من الفنّ الصوفي الضارب في أعماق إرثنا الحضاري والمشترك في جذوره مع البلدان المجاورة لنا على غرار الجزائر والمغرب وليبيا، مع محاولة الوفاء للروح التراثية الخالصة وتوسيع مناطق انتشارها لدى فئات واسعة من الجمهور فضلا عن توسيع نطاق مشاركة أغلب جهات الجمهوريّة في تنفيذه وإثراء محتواه وعدم اقتصاره على جهة جغرافية بعينها، شمالا ووسطا وجنوبا.
كما يطمح إلى هدم الفوارق الجهويّة بما يحمله مدلولها المتداول من معانٍ سلبيّة، ليعمل على توظيفها ضمن عمل موسيقي مشترك يبرز الخصوصيّات الفنيّة المتفرّدة لكلّ جهة من جهات وطننا العزيز وثراء مخزوناتها، ويتكامل في مجمله ليقدّم للجمهور التونسي لوحة فنيّة مشتركة مضمونا وتنفيذا ضمن مشروع فني يتّخذ من تنوّع موروثنا الصوفي التونسي مطيّة للتجميع وتقريب الرؤى واختزال المسافات.

 

  
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى