على بعد حوالي مائتي كيلومتر عن تونس العاصمة وأربعين كيلومتر تقريبا عن مدينة الكاف، وبعض الكيلومترات عن الحدود التونسية الجزائرية، يقع مقرّ المكتبة العمومية بساقية سيدي يوسف، هذه المدينة التي جمعت على مرّ التاريخ بين النضال والفكر والصورة، وكانت ولا تزال رمزا للترابط الأخوي بين تونس والجزائر.
يعود تاريخ تأسيس هذه المؤسسة الراجعة بالنظر إلى وزارة الشؤون الثقافية، إلى نهاية السبعينات (7 اكتوبر 1979)، وقد استقبلت على مدى خمس وأربعين سنة كلّ الفئات العمرية ومختلف الشرائح الاجتماعية القاطنة بالجهة وأحوازها.
وحسب ما تمّ تسجيله في الاحصائيات الأخيرة، استقبلت المكتبة العمومية بساقية سيدي يوسف في الفترة الأخيرة 173 مشتركا، منهم 146 طفلا و20 شابا و7 كهول، منهم من جاء لإعداد بحوثه الدراسية ومنهم من تنقل لمواكبة جملة البرامج الفكرية والأدبية والثقافية التي يتمّ تنظيمها طيلة السنة.
وفي آخر عمليات جرد للمكتبة العمومية، بلغ الرصيد الجملي للكتب 21200 عنوانا، منهم 17032 عنوانا عربيا و4168 عنوانا أجنبيا، فيما بلغ سنة 2023 عدد الروّاد 4995، اطلعوا خلال هذه الفترة على حوالي 10564 وثيقة، فيما بلغ عدد المستعيرين 1296 ب4249 وثيقة إعارة.
ومن بين روّاد هذه المكتبة العمومية، لفت انتباهنا حضور منتظم لطفلتين تحملان اسم بيلسان وبيسان كوكة، توأمتان في الحادية عشرة من عمرهما مرسّمتان بالسّنة الخامسة من التعليم الابتدائي، شاركتا في مسابقة تحدّي القراءة العربي وتأهّلتا للمشاركة في التصفيات الأولية ضمن 20 مشتركا من بين 117 ألف مشارك مسجّل في هذه المسابقة سنة 2024، في انتظار نتائج التصفيات النهائية التي نتمى أن تخوّل لهما الالتحاق بالإمارات العربية المتحدة في وقت لاحق.
وتعدّ مسابقة تحدي القراءة العربي أكبر مشروع عربي تطلقه دولة الإمارات العربية المتحدة لتشجيع القراءة لدى الطالب العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة 50 مليون كتاب خلال عام دراسي.
وفي لقاء بوالدة التوأمتين السيدة إيناس رحّو كوكة أكّدت أن الطفلتين انقدح فيهما شغف القراءة منذ نعومة أظافرهما، وهو ما شجّع كلّ أفراد العائلة إلى تشجيعهما لمزيد التألّق وتعزيز ملكة الفضول والمعرفة لديهما، حيث أنهما طالعتا خلال هذه السنة 150 قصة ولخّصتا 50 كتابا.
كما أكّدت السيدة إيناس أن مسابقة تحدي القراءة العربي هي فرصة مهمّة للأطفال والناشئة لتوثيق صلتهم مع الكتاب واللغة العربية ولتوسيع مداركهم وتنمية قدراتهم، وهو ما من شأنه أن يساهم في ارتقاء درجات الوعي والإدراك لديهم.
وتجدر الإشارة إلى أن بيسان كوكة احتلّت السنة المنقضية المرتبة الرابعة في مسابقة البطولة الوطنية للمطالعة، فيما تحصّلت بيلسان على الميدالية الذهبية في نفس الدورة.
ويذكر أن التلميذ يوسف بن داود أصيل ولاية قفصة تُوّج خلال الدورة السابعة، السنة الماضية، بالجائزة الأولى لمسابقة تحدّي القراءة العربي لذوي الهمم، وهي فئة تدرج لأول مرّة في هذه المسابقة الدولية، كما فاز التلميذ التونسي المرسم بالمدرسة الإعدادية الكاهنة بمنزل بورقيبة، آدم القاسمي، بالمرتبة الثانية سنة 2022.
وبهذه المناسبة، تثني وزارة الشؤون الثقافية عن مجهودات عائلة البنتين بيسان وبيلسان كوكة وكلّ مؤطريهما بمنطقة ساقية سيدي يوسف، معربة عن تمنياتها بأن تتأهل المترشحتين إلى الدور النهائي لإعلاء راية تونس في الخارج.
وتنوّه الوزارة بقيمة مثل هذه الجوائز والتتويجات في مزيد التعريف بالتجربة الأدبية والفكرية التونسية الثريّة، وبقدرة أبناء تونس على التميّز دوليا.